القاهرة : مدينة التاريخ والسحر و العظماء

بقلم الدكتور مدحت العزب

 

تعد القاهرة من أشهر وأعرق عواصم ومدن العالم، إن لم تكن أشهرها واعرقها على الإطلاق،هى من أكبر عواصم العالم سكانا ومساحة ،تغنى الشعراء بنيلها وسهر المحبون فى لياليها الساحرة ،هى ملتقى الاثار المصرية القديمة والآثار الإسلامية بتنوع عصورها منذ الفتح الإسلامي ومرورا بالعصر الفاطمي والمملوكى والعثمانى ،هى ام الدنيا وحاضرة الزمان عاصمة مصر المحروسة.

لمحة تاريخية:

بدأت اللبنة الأولى لتأسيس المدينة الساحرة عندما وضع القائد جوهر الصقلى حجر الأساس لها فى السادس من يوليو سنة ٩٦٩ م.أى منذ اكثر من الف وخمسين عاما ،بعدما نجح الخليفة الفاطمي المعز لدين الله فى غزو مصر من مقر الدولة الفاطمية فى المغرب العربى ،واتخذت القاهرة من هذا اليوم عيدا وطنيا لها.

ويمتد تاريخ القاهرة من الناحية الجغرافية والتاريخية إلى ما قبل انشاء القاهرة الفاطمية المعزية ؛إذ يمكن القول أن القاهرة بامتدادها الان تشمل المدن التى أنشأت منذ الفتح الإسلامي لمصر فى عهد الخليفة عمر بن الخطاب على يد عمرو بن العاص رضي الله عنهما وإستلامها فعليا فى التاسع من سبتمبر عام ٦٤٢ هجريا ،و تأسيس مدينة الفسطاط الذى بدأ في العام نفسه ،و يرجح ان تسمية المدينة بالفسطاط من أصل الكلمة اليونانية ” فوساتون ” والتى تعنى الخندق  ،وقد تم اختيار موقع المدينة بدقة ،ولم يشأ المسلمون الفاتحون اختيار الإسكندرية عاصمة لمصر ؛ لأنها تمثل للمصريين السيطرة الأجنبية التى يكرهونها

ثم كانت مدينة ” القطائع” عاصمة الدولة الطولونية التى استقل بها أحمد بن طولون عن الخلافة العباسية واستمرت فى الفترة بين ٨٦٨- ٩٠٥ ميلاديا،وتميزت بالقوة السياسية وأبهة الحياة والتألق الفنى و المعماري الذى انعكس على مدينة القطائع.

قاهرة المعز:

حصلت الدولة الفاطمية على اسمها نسبة إلى السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم ،زوجة الإمام علي بن أبى طالب.

وتختلف الروايات فى أسباب تسمية مدينة المعز و التى أسسها  جوهر الصقلى ب” القاهرة ” منها أن المنجمين حين تشييدها اكتشفوا فى هذه اللحظة كوكب المريخ” القاهر” ومن هنا حصلت القاهرة على اسمها ،ويقال أيضا ان المعز لدين الله أعطى أمرا لجوهر الصقلى بتشييد مدينة ” تقهر الدنيا ” ،و رواية أخرى انها سميت فى البداية المنصورية ،ولكن المعز قام بتغيير الاسم إلى قاهرة حين وصوله مصر بعد مضى اربع سنوات.

و يصف الرحالة العراقي ” ابن حوقل ” الذى زارها فى عام ٩٧٣م بعد اربع سنوات من تأسيسها بقوله:

“وقد استحدث المغاربة بظاهر مصر خارج الفسطاط مدينة سمتها القاهرة استحدثها جوهر صاحب اهل المغرب عند دخوله مصر لجيشه و شمله و حاشيته ،و قد ضمت من الأسواق والمحال وحوت من اسباب القنية “الغنم والابل” والارتفاق ” المنافع ” بالحمامات والفنادق إلى قصور مشيدة ونعم عتيدة ،وقد أحدق بها سور منيع رفيع يزيد على ثلاثة أضعاف ما بنى بها ،وبها ديوان مصر ومسجد جامع نظيف غزير القوام والمؤذنين”.

القاهرة والعظماء:

زار وعاش و دفن فى القاهرة الكثير من عمالقة ومشاهير التاريخ والحضارة الاسلامية  منهم : الإمام الشافعى صاحب المذهب السنى الشهير ،و الإمام الفقيه الكبير الليث بن سعد ،و ابن سيرين ،وابن خلدون رائد علم الاجتماع صاحب المقدمة الشهيرة ،والشيخ السيوطي العالم الموسوعى ،و ابن تغرى بردى ،والمقريزى ،و الإمام العز بن عبد السلام ،و عبد العزيز بن مروان أمير مصر ،وفى حلوان ولد الخليفة الراشد الخامس عمر بن عبدالعزيز، و من قبلهم الصحابى فاتح مصر عمرو بن العاص.

مصر الأزهر بشيوخه و علمائه عبر العصور ،مصر العقاد ،و طه حسين، و نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ،و رواد الفن الخالد ام كلثوم و محمد عبد الوهاب و عبد الحليم حافظ.

admin

admin

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *